في سن السادسة عشرة، سمعت لأول مرة نوكتورن شوبان الثاني، المصنف التاسع، ومن تلك اللحظة، تغير شيء في داخلي. لم أكن أعرف بعد ما هي الموسيقى حقًا، أو كيف يمكن أن تثير مثل هذه المشاعر العميقة في شخص
ما لم يكن لدي أي خبرة مع الآلات الموسيقية، ولا تدريب رسمي، لكن تلك القطعة أثرت فيّ بطريقة لا أستطيع شرحها. كانت شرارة، وهذه الشرارة قادتني لاكتشاف القوة التحويلية للموسيقى
بالصدفة، قابلت معلمي الأول، رائد إلياس، الذي قدم لي آلة البيانو. تحت إشرافه، تقدمت بسرعة، متجاوزًا أربعة مستويات في وقت قصير. أشعلت دروسه نارًا بداخلي، وعرفت أن هذا هو الطريق الذي يجب أن أسلكه
بعد ذلك، كان لي شرف الدراسة تحت إشراف عازفة البيانو العراقية-التشيكية، ناتاشا الراضي. قضيت معها ثلاث سنوات في تحسين تقنيتي، وتعلمت منها كيف ألعب الموسيقى وكيف أُعبر عنها للجمهور
استمرت دراستي في لبنان في مدرسة الموسيقى ألانطونية، حيث حصلت على دبلوم في البيانو تحت إشراف البروفيسور أرمين كاتشيك. لم تتوقف دراستي هنا؛ بل تعمقت في دراسة الهارموني والتأليف الموسيقي تحت إشراف الدكتور فادي طوق، مدير المدرسة، ووسعت معرفتي بالتوزيع الموسيقي والإخراج مع المايسترو غارو أفيسيان
طوال مسيرتي الموسيقية، حظيت بفرصة الأداء كعازف منفرد ومرافق. كما وجدت متعة في التدريس، سواء في المدارس أو بشكل خاص، وعملت كعازف بيانو في الكنائس وقائد لفرق موسيقية وفرق كورال. أثرت هذه التجارب حياتي الموسيقية ومنحتني الفرصة لمشاركة حبي للموسيقى مع الآخرين
كان حلمي العميق دائمًا هو تأليف موسيقى خاصة بي. بعد انتقالي إلى كندا، انغمست في التأليف الموسيقي، حيث درست مع البروفيسور ألكسندر بوزدنياكوف. وجدت في تدريبه المساحة المناسبة للإبداع، وقد تألفت حتى الآن أكثر من 20 قطعة موسيقية. ولكن لم تتوقف رحلتي هنا - استمريت في التأليف بشكل غزير، مع العديد من الأعمال التي تحمل بصمتي. كل مؤلف يعكس رحلتي ونموّي وشغفي بمشاركة جمال الموسيقى مع العالم
كما أواصل توسيع آفاقي الموسيقية بتعلم العزف على الأورغن واستكشاف عالم الموسيقى الجاز. هذه الدراسات الجديدة تفتح أمامي مجالات إبداعية جديدة، مما يُثري أدائي وتأليفي
من تلك اللحظة الأولى مع شوبان إلى حيث أنا اليوم، كانت هذه الرحلة مليئة بالتعلم والنمو والاكتشاف. الموسيقى ليست مجرد حرف بالنسبة لي، بل هي دعوة، لغة تربط القلب بالروح، وأنا ممتن لكل خطوة قطعتها في طريقي